الخميس، سبتمبر 16، 2010

الباب الذي لا تأتي منه الريح !



















في يوم ٍ ما ، قبل أن تجيئ .. ثم جئت ، وقبل أن تغادر ، قبل أن يصبح وجهك بوصلة بلا
إبرة تشير ، ولا جهات ، ولا قِبلة معروفة !
يوم قديم كـ عهد الصدق تمامًا ، كـ تاريخ اللون الأبيض ..
كنت أؤمن وقتها بأن من يتحدث بإيمانية جازمة بحديثه بأنه صادق ، كنت أظن بأن الذي
يقسم بربه ، لايجوز أن يرفض ..
أسفي بأن ظني إثمًا ، وبأني مرّغت سَمعي في دنس الأقاويل ، ولم أمسك بيدي الحق !
ثم عدت ..
عتبي عليك ، لأنك ما علمتني أن لا أسير حافية القلب ، وأن أقدّم حذائي ليتذوق سُبل
الناس قبلي ،
وبأن الأرض التي كنت أظنها تحمل خطواتنا بفرح ، ليست حرمًا ،وكلما وطئت عليها قدمي
وجب علي الإغتسال ، ليقبل قولي !
عتبي عليك ، ما اخبرتني بأنك تجيد تقليد أصواتهم وأفعالهم ، وأن تلبس وجهًا كوجوههم
، عتبي على وجهك الذي أحب كم صار عتيقًا ،
لا لم يزرني ، إلا أنه يتخلل فِراش أحلامي يعبث في ذاكرتي ، ويمضي .. ويتركني أرملة
أبكي سراب ، أعتدُّ على شيء لا أمسه ،
أعتدُّ على وهم حقيقي ، يعرفه قلبي وتجهل خطواته دروب الوصل ..
عتبي على الزمان الذي قضم لسانك ، وجعلك في فم الغياب صمت بارد عقيم ، ..

 ووجعي أني أكرهك في كل مرة أبحث عن عذر يبرئك ، وأفشل !
لا لن أبحث في يديك عن آثار دمي ، لاتجرؤ على قتلي .. لم تنبس بنسياني ، لاتعرف هذا
ذاكرتك ، لاتحسنه أيامك !

أنظر إلى عينّي ، هاقد تحوّل كل البريق إلى جليد ، وأظن أن العناكب صنعت بيوتها على
أحلامي ، أرزقني خشبًا ملائمًا لمنفذ السمع ،مطابقًا لأذني ،
 ومسمارًا كأقراطي ، أغلق به سمعي عن الدنيا  ..
لو أن أذنيّ تعيد لك صوتك ، أو أي سُعال يزلزل صدري الآن ، يخرجه من صدري ،
 خذه إليك ، لاتهبني به دفء ، لاتكتب لي شعراً أنا لا أرى !
ثم أي مغزل ٍ قد يجدي بخنق شفتيّ كي يحفظ لساني من ترديد كلامك ،
لو تتحول خادمتنا قبل أن تنام لليلة واحدة فقط إلى ساحرة تحولني إلى قرص موسيقي ،
أو إلى غيمة ، أو حتى قطعة شوكولاة ،
لاتعيرني دفئك ، ولا أبيات شعرك ، أو نشيد صوتك .. لا تطوي لي تفاصيلك في رسالة
لا أستطيع تدخينها للتخلص من رمادها .. لا تهبني من عمرك شيء أي شيء !
أنا لا أشتهي الأشياء المنقوصة ، ليس كل الفقراء ممدودي الأيديّ ، وليس بعض سد
الحاجة يعني عطاءها ، أختر لي اسمًا جشعًا ، أكثر طمعًا ،
حاول أن تعربني ،
 كلما تذكرت بأني أرفض عمرك لو انتقص منه لحظة لم تكن لي !
أرفض مسافاتك ، الطريق الذي يعود بك إلى نافذة قلبي ، صوتك الذي يصير أغنية ليـّنة
ليمتزج بدمي ، أرفض صمتك ، صراخك ، حروفك وامتناعها ،
أرفض أنصاف الحلول التي توزعك إليها الحاجة ، أرفض اللون الرمادي الذي تَنَحّت إليه
تفاصيلك !
أنا لم أعد أومئ بأهدابي كي أربت على دمعة تعبّر عن حنيني إليك ، هاجرت أشياءي
الجميلة مع وجهك الذي أحب ، ياوجه الدنيا الآفل ،والجنة التي كدت أؤمر بالسجود لها،

 ووسوس لشجرة الحياة الشيطان أن تُضلنا فراقًا ، ومسافات وظنون ..
على قلبي دائرة السوء ،إن سار على درب الحياة حافيًا ، لم يعد شيء يشير إلى الستر
والصباح ، ووجه الليل مليئ بالقطط والكلاب المتوحشة ، وبعض النفايات
.. والأرصفة تعرف تمامًا رائحة التائهين ، ونكهة الإنتظار ، والضياع ، ولاترشد
أحدًا ، أو ترافقه إلى قمامة جاره !
ليتذكر الأذى فيضحك : أنه طريق منزلنا .. حذائي في قدميّ ، وأحفظ أذكاري ، يقرأ
المعوذتين .. ثم يقاطعه الشيطان في هاجس الدنيا التي تغير وجهها ،
يصل إلى سريره والنوم قد سابقه ، لم يكمل أذكاره ، فيجيئ الحلم متأخرًا بـ عذر جمع
حديث الناس ، ولأنه لم يغتسل قبل منامه، ظلّ ضميره مستيقظ ، يفسد لذة مرقده ،
 أجمعت الأمة على أن تضره بشيء ، لم يكتبه الله له بعد أن باتت المعوذتين في طرف لسانه،
 واستيقظ متعبًا .

.

.
. .. قل لي أنك تحفظ وجهك القديم ، في ضلوع الزمن .. تمثال لـ شيء حقيقي ،
 لايشبه الأبيض المصنوع ، أو نكهة الأحلام المستهلكة ..
قل لي أن قلبك ليس مُعطلاً ، وأن على ذاكرتك حارس من الملائكة ،
وأنك تقرأ الذكر عليك وهذا قناعك ، لتحفظك لي في الحياة الثانية .. آمن بذلك ،
وسأصدقك !
وتذكّر بأني أكره ارتداد صوتي كـ صدى .



 - لم يتم الإرسال !
.









 ....... -  "أظن بأن الريح أكثر أدبًا من بعض البشر ،إنها تعرف
الأبواب ، وتأتي منها رغم يقينها بأنها أذى مرفوض " .



هناك 10 تعليقات:

  1. الأكثر إرباكا؛ أنّ الرّاحلون قد يمضون أجساداً، لكن ذكراهم لا ترحل أبدا. لا يمكننا طرد الذّكريات يا سماء!

    أشارككِ كثيرا ممّا تشعرين به.أنا رجل، لكنّي أعرف معنى الرّحيل جيّدا .. صدّقيني !. الأكثر إيلاماً هي الذكريات، علينا أن نعتاد وجودها في كل ليلة على وسائدنا، تحت أجفاننا، في أحلامنا، في هدايانا التي أتونا بها أولئك الرّاحلون .. فكيف بمن اعتدنا وجوده بجانبنا على أساس أنّه نصفنا الثاني !؟

    الله يجبرنا !

    ردحذف
  2. يا الهي ما الذي يجب علي قوله أمام ناي حزين

    يعزف على جثة الحرف

    لا حرف عندي ولا كلم .. فليسعد القلب إن لم يسعد الحال :)

    شكرًا لك

    ردحذف
  3. الصديق الذي عرفته المدونة بأنّه ( غير معرف ) ..

    كان عبدالله ناصر يقول : ( الأكثر مأساوية من وداع الأحباب.. أنني أرى الأرض تحمل أمتعتها وتفرّ من تحت قدميّ! ) ..
    لم تكن هذه جملة فلسفية ، ولا مجرّد تغنيّ أدبي ،
    حين الوداع ربما الفراق ، كأن الأرض تختفي من تحت أقدامنا ونفتقد الجاذبية لما تحت أرجلنا ، لماذا إذن يختل توازننا ، ؟ تثقل أقدامنا ، وكأننا نطير بالذكريات والتفاصيل ، ربما بالأصح كأننا نسقط وإياها من عرش الحب والوصل الرفيع ، إلى هاوية بلا قاع !
    لاشيء نستطيع الثبات عليه ، كل يوم لـ عاطفتنا شأن ، أما جوها عاصف ، وإما تتزلزل حنينًا ، ربما حزنًا .. هناك ثقب كبير لا نجيد سدّه .. هناك أفق ومتنفس نراه كما السراب ، كل شيء بعيد وغريب وموحش ! كأننا سقطنا في فضاء خالي ! حتى من الجاذبية ..
    للغياب و الغيّاب ، تفاصيل تيه وشتات غير منتهية !

    ووو آمين ، الله يجبرنا .

    ردحذف
  4. نوووفه ..
    الذي تركتيه ، بين سطورك ، بمثابة قلب مؤمن بالتفاصيل ، ومتعمق بها .. ومتحسس لإسقاطاتها ..
    وهذا أوسع من القول ، وأعمق ()

    كل يوم ، كل ثانية .. شكرًا لله عليك .

    ردحذف
  5. مُترفة أنتِ
    وَ غرق .. !

    منكِ الحرف كَ قطعة سُكّر ,,
    حتى لو توسّد الحزن صدر الأبجديّة .,

    طبتِ وَ صباحكِ حبقٌ شهيّ (f)

    ردحذف
  6. شكرًا لأنكِ تعرفين بأني أحب الأشياء المترفة ،
    فتعلقينها بي ،

    منكِ الدنيا ، كـ منبر نور .. وصلوات وأجنحة !

    أوقاتك حسنات .

    ردحذف
  7. كلماتك جرح غائر في قلبي ,
    لمسته , فاختلسته على غفلته منكِ ,
    للوحتي اليتيم المتواضعة ,
    غرق , أغرقتني ,
    فــشكرآ وعذر ,!


    هنــآ
    http://4.bp.blogspot.com/_yPbJoli-4Dw/TM7ys_RFiZI/AAAAAAAAAC4/Rh2CgpR4pNY/s1600/%D8%AA%D8%A7%D8%AA%D9%8A.jpg

    ردحذف
  8. يا الله ، يالا نعومة احساسك المغني كـ طير ، رغم قسوة الكلمات ، شكرًا للطفك ()

    ردحذف

- ما يؤثث الوحشة -

: : : ولكني أخاف .. أخاااف .. أخاف انتباه .. فراغات الكلام .. فراغات العيون ، فراغات الحقول ، وإن لم...