الأربعاء، أغسطس 04، 2010

هبني مرسمًا واصابع حرّة يارب ، أحتاج أن أتخلص من صوتي .






















يا الله .. لا أعرف أن أرسم ، ثمة خطوط بعقلي تتشابك ،
 ثم تكون كما المروج التي تغني بها آخر زهرة نهريّة ،
 كلما شاهدت لوحة تجعلني أصمت كثيرًا ثم أمد أصابعي أتحسس ملامحها ، أضع
أصابعي أخيرًا على شفتيّ ، كي أقيس حجم الـ ( وااو )
 هل كانت بإمتداد اللوحة الـ تدهشني ، أم أصغر عمرًا ،

أحب الألوان ، كذلك أحب العبث بالصور ، أفكر أحيانًا أن أكون صفحة بيضاء كي ترقص
على جسدي كل الألوان ، طالما أن زهرتي الأخيرة لازالت تغني ، بالمناسبة صوتها يشبه
صوت " سيلين ديون " حينما تغني " I'm ALive " وحينما تغني عربيًا ، تبدو كـ صوت "
فيروز " حينما تغني " ياطيّر " ، ولكني صامتة كاللون الأسود تمامًا ، وأحب أن أجيئ
أخيرًا حينما تكتمل حفلة الألوان ، لأبدو رغم كل الضجيج الأكثر بروزًا ، الأكثر
صمتًا ، الأكثر موتًا ..

لا أحب الأشياء الحزينة ، الحياة عبارة عن لوحة محترفة ، لن أحسن رسمها ، لأن
أصابعي عاجزة كعجوز سوداء مسّنة ، أشرب القهوة ولكن لاشيء قادر على القضاء على شهية
النوم في عقلي التي لا تتم ، ولا تنتهي ! أعرف بأن مايعقبها هو حفلة حلم ضخم .. لن
أستطيع التركيز به مطلقًا ، لأن سماء وطننا صغيرة لن تستوعب تحليق طويل ، ولن
تستوعب أجنحة بهذا الحجم !

لست خائفة من أشياء لها ملامح أو تعيين ، الحياة باردة رغم غضب الصيف على شوارعنا
التي بإستطاعتي أن أطهو عليها وليمة كاملة دون الحاجة لموقد ، رغم أنها تركض
باستمرار وبفمها قطعة حلوى غامضة ، أحب الأشياء الجديدة بها ، والتي لاتأتي كدائمًا
، وجه الرتابة هو الأكثر تكرارًا ، كوني لا أمتلك صوتًا جهورًا استطيع تبديد به
الحديث الذي لطالما مضغته كل الألسن حتى بدا بلا طعم ولا رائحة ، كنت أفكر لماذا لم
أتم تعلم قيادة الدراجة جيدًا في صغري ، لقد سقطت منها مرات عديدة بعدما أقتنيت أول
دراجة بعجلتين فقط عوضًا عن العجلات الثلاث ، ولكني أضطررت بعدها بأسبوع أن أقتني
لها عجلات صغيرة مساندة كي لا اسقط ، كان حجم السقوط في الصغر رغم كل البكاء لذيذ
ًا ، حينما تنتهي آثار الألم ينتهي كل شيء ونبتاع بوضة مثلجة ، أو دمية باربي ، أو
بيت صغير أقوم بتركيبه مع اخواتي الصغيرات ، حينها كنت أظن بأني أميرة نبيلة وبأن
أحلامي سقفها هذا البيت الذي سأخطط له جيدًا وأنتهي من ترتيبه حينما تسكنه باربي
الجميلة ، وابنتيها ، وزوجها الذي له شعر بلاستيكي وعيون رمادية باهتة ، ملامحهم
تشعرني بالجليد ، ولكني لم أكن آبهة للمشاعر مطلقًا ، لأن الدمى أستطيع تحريكها
والتكلم عنها واستبدال ملابسها أيضًا ،على عكس العثرات في الكبر يا دراجتي ، أنا لا
استطيع أن أملك دراجة الآن لأني لا أجيد قيادتها ، ولا أريد أن أتعلم لأن حدود فناء
منزلنا صغيرة إلى حد ما ، لن تطيق المساحات التي أخطط أن أقطعها في عقلي ، كذلك
البشر أيضًا يا عمري الذي يمضي ، من المستحيل تحريكهم كدماي الرابط بينهم أني قد
أجد أحد من البشر يمتلك شعرًا بلاستيكيًا وأهدابًا ، وأظافر وأحلام أيضًا ، هذا ليس
مثير للضحك ، أنا أتعلم من البشر أن أشترك بحواراتهم وليس التحدث نيابة عنهم ، ولكن
البعض الآخر سكن بي حتى أراد أن يكون دمية من دماي ، لأتحرك بهم ، لأتحدث نيابة
عنهم ، ولأكتب عنهم الرسائل ، حتى بُت أحتال عليهم ، وأكتب لهم نيابة عني دوري
المجهول لهم رسائل مجهولة كي يعودوا إلى ذواتهم فقط ، فأنا سئمت دوري بتحريك الدمى
، يديّ مرهقتان وكذلك شفتيّ ، ولم يعد في جعبتي الكثير من الحديث لأحكي عني فكيف
أتحدث عن أحدهم !

كبرت الآن جدًا ، ودمى البشر غير مسلية ، لأن دمى البشر تحتاج أن نتكلم عنها في
مواقف ، وتستغفلنا كذلك في مواقف أخرى ،

لم يعلمني أحد كيف ألعب في دماي حينما كنت صغيرة ، كنت أرسم عالمي لوحدي ، لم يكن
عالم محدود إلا في المساحة ولكني أكيدة بأني خيالي جعل منه يتخطى التبانة ، يتخطى
كل الكواكب والمجرات ، أبعد بكثير من أخر سماء ، لذلك في العالم المحدود ، تستطيع
الإختباء هذه الدمى البشرية خلف أي صمت ، أو أي حائط أو مسافة أو مكان أو زمان ، لا
أعرف تمامًا ، ولكن في غياب أجسادها ، يصعب التفكير ماذا تصنع الآن دائمًا ، الغياب
الذي لم أتعرف عليه قطّ إلا حينما كبرت كفاية ، يشبه برود ملامح دماي التي لم آبه
بها ، ولكن الفارق بأني آبه الآن لملامح الغياب ، وأتضاءل أحيانًا وأتكوم على ذاتي
، لأنه أبرد من أحلامي بأن يصبح فصل الشتاء قصة حميمية !

أنا أحب الشتاء بإستثناء بقية الفصول التي لا أعرف منها في بلاد إلا الصيف الذي
يستمر قرابة العشر أشهر ، ثم يأتي الشتاء مسرعًا ، كأنه رشح طفيف !

العالم في صندوق اللوحة التي شدتني لأقول أشياء كثيرة ، يشبه ثقوب أحرفي التي
لاأحسن إلا التوكأ عليها حتى بدت عرجاء متعبة متقصلة ، مليئة بهشاشة العظام
والشيخوخة ، كـ قلبي ساعة برد لقاء ساذج يخلف عام من الفراق ، العالم في تلك اللوحة
الملونة يشعرني بالعجز تمامًا ، لذلك أكتب رسالة راكضة نحو السماء ، لو أن لي أصابع
طويلة أرسم بها لوحة من سقف بيتنا القريب من أحياء مدينتنا المتلاصقة والمحشوة
بالثرثرة والنميمية ، والأشياء وفساد الأحلام وتمامها ،لا يستطيع مشاهدتها جارنا
الذي يرسل رسائل خفية لوالدي ، يشي بها على أخواتي اللاتي يخرجن الصباح مع السائق
إلى دوامهن الصيفي ، ظنًا منه ربما سوء ظن منه بأن الصيف يخدر الجميع ولا أحد ممكن
أن يرتكب الدراسة في الصيف ، أرسم بها صرخة بأجنحة ثم أدعوك يا الله أن أمتطيها ،
وتستجيب .





هناك تعليقان (2):

  1. رااائع بل اكثر من رااائع تعجز يدي عن وصف مدى روعة ماتكتبيه .....

    ردحذف
  2. ويعجز قلبي تعبيره عن الامتنان الوافي للطافتك ()

    ردحذف

- ما يؤثث الوحشة -

: : : ولكني أخاف .. أخاااف .. أخاف انتباه .. فراغات الكلام .. فراغات العيون ، فراغات الحقول ، وإن لم...