الجمعة، يناير 07، 2011

أبئى أطّمن عليّا .. *






















أنا سيئة ،
 حزينة وأشبه رسالة مجهولة ، مدسوسة في بريد يتيم ميّت ، ومر من فوقها الخريف دائمًا ..
وقسى عليها المطر ، حتى نسيّ أمرها ، ولم ينتبه لها عامل النظافة الوحيد ،
 الذي يحكي للشارع عن أطفاله في الجزيرة البعيدة ، وعن الفقر والجوع والمطر الرمادي
المهيب، ..
ثم مرت عليها قدميه بلا مبالاة ، ومضى ،حيث لم يعد يعبر الشارع أيّ شيء ، حتى رياح مخطئة !
بالكاد أعرف صوتي ، غيّر ملامحه الكذب ، يدس نبرة البكاء في جيبه الخلفي ، ويضحك !
ويضحكون معه ! لا أحد يضمّه كما ينبغي ليتحسس جيوبه حتى لو غافلا فـ تسقط الدمعة ،
فيرتاح شيئًا ما قصيّ ومُتعَب ..
أفكر أن أشتري لصوتي جوربان ، ومعطف ، كي لاتتحسس أمي في إتصالاتها ، البرد ..
في إرتعاشاته ..
مُرتبك ، كأنه يسرق أغنية من حقيبة الشجرة العجوز الواقفة في رأس حيّنا ..

 كلما هزّته أمي في " كيف حالكِ ؟ "
تساقطت منه ضحكات صغيرة ومبتورة ، واختفى خلف أي فكرة ،

 حتى لو كانت " المنهج كان صعب يا أمي " ، أو " والدي على الخط الآخر سأكلمك فيما بعد " ..
متعبة ياصديقي ، ويأخذ برد الشتاء في ضلوعي سفرًا طويلا ، وساعديّ منهكة من حِمل
رسالة " كبيرة الفم " إليك ، لا استطيع صنعها ،
وكلما استطعت ، لا استطيع صنع موافقة مني ، إلى وصولها إليك ، فتهرم كل الأشياء ،
تذوي .. وتنطوي تحت قلبي ، لأني أجهل مكان أذنك تحديدًا ، وأعرف أني لو عرفته ،
 لـ طمست عيوني عنه ، كُل عمري ، ولكني لا أعرف من يطمس قلبي !

/


أنا النافذة الشاردة ، التي تعكس الحيّ المقابل ، ثم تبدو غير آبهة عند المغيب ،
تمحو كل الصور من وجهها ، وتنام !
أنا الإضاءة المتلعثمة بها ،
السيّارة الوحيدة ، التي تدور أمامها طويلاً ،بإنتظار أن ترقبها عينيّ ، ولا ترقبها..
الأبواق المرتبكة ، التي تبدو كأغنية محشورة في بكاء !
ألا لعنة كل شيء على البكاء السليط ، الذي نسيت وجهه ، ولم ينسى أن يعبر حنجرتي كل
يوم ، يترك غصة ، ويركض ..
لا يتنزل كـ رحمة عليها أبدًا فـ تسقط في غياهب الحزن العتيق ، أو في رشفة ماء مرت
مُسرعة وغسلت أدران الأدوية ، أطفئتْ العطش الصغير ، وكذبتْ على الجوع ،

ووجدتْ لها وسادةٌ ما، في أمعائي !
- الليل ، جيب كبير وعملاق ، أخبئ به سوءي ونبلي ، رديء صوتي ، وأغنياتي ، وأحمل
إليه أخيرًا ضجيج وحدتي ، أحكي عليه أسراري ، لينام أحدنا أو يبكي ،
الليل شيخٌ فاسد ، أو أسود طيّب ، أو شوكولاة محشوّة بجوز الهند لتحسين مزاجي ، أو
إغاضته ، ..
وأنا الحيرة النحيلة ، أشرب من كأس استفاهاماته كل يوم .. وأترنح !
أترنح حتى أقف عند آخر نجمة ، يتهاوى ثباتي ، تنهار الزوبعة القصيّة في أعماقي ،
تعوي الذئاب داخلي والعواصف ،
أهزّ السماء ، حتى تُساقط عليّ تعبًا ..
أسقط ..
أصاب ببعض الموت ..
فتحملني النجوم السوداء الخفيّة إلى فراشي ، تغطيني جيدًا ، وتدس لي كابوسًا ،
وتمضي .





* فضل شاكر أيضًا متآمر عليّ بهذه الأغنية  .. تحديدًا
بهذه الأغنية تمامًا ، يفتح في قلبي نافذة الشتاء ، ينفخها في أذنيه ،   .. ويضحك
وأنا لا أبالي أبدًا ، لا أبالي دائمًا ، كأني مرآة ، أمكيّج الحزن أمامي ، أتجمّل ، ألتقط لي صورة
بـ أحمر شفاة قان ٍ  ، وأضحك  ، جدًا .

هناك 10 تعليقات:

  1. هذه زيارتي الأولى يا سماء ، وهذا هو الغرق الأول الذي أعد نفسي به مجدداً ودون إنتهاء .


    " ألا لعنة كل شيء على البكاء السليط ، الذي نسيت وجهه ، ولم ينسى أن يعبر حنجرتي كل
    يوم ، يترك غصة ، ويركض . "

    +❤

    ردحذف
  2. m.f.z
    ربما لأنها زيارتك الأول ، يجب أن أتبادل معكِ شاي الكلمات ، أغنية تشبه كلام كـ " كنزتك لطيفة " أو " نظارّة رائعة " ، ليبدأ حديثًا من خلف أبخرة الشاي ، ينتهي بموسيقى وقصيدة ، وسطر راسخ في الذاكرة ،
    شكرًا للأشياء الجميلة التي تركها الإنطباع الأول لـ وجه حرفك الدافئ .

    ردحذف
  3. غرق حد العمق
    كم أكره الليل وأكره الحزن
    جين يمتشق حسامه في ظلام الليل كي يقطعنا نصفين
    تجيدين كتابة الحزن يا سماء
    لا اذاق الله قلبك حزنًا
    ودي

    ردحذف
  4. الصديقة الديمة : نوفة ..
    أكتب الحزن لأضعه في كيس الليل الأسود ، وأرميه في قمامة الفجر ، كي أخرج للصبح متهندمة بأناقة فقط ..

    شكرًا لقلبك الذي هو شق الصبح الأبيض :)

    ردحذف
  5. إنه الغرق في "السماء" !
    الصعود إلى "عمق" بلا قعر !!
    وتطلبين الأكثر .. سماء؟!


    أوقفي نزف هذا النص
    كدت بدمعي أن أغص
    و تذكرت ...
    أخي في الغربه ،
    وسبعة أيام قادمه لتحدد مستقبلي،
    وأشياء أخرى ..

    لا أعدك بالعوده .. إنني سأبقى !!

    ردحذف
  6. سعد ،
    أشعر أنك مُرهِق ..
    تشبه شعور ما ، حاولت التخلص منه بهذه الكتابة ..
    سيعود أخيك يوما ، ستنبت في أيامك القادمة زهرة ربيعية ، وضحكة ،
    كما أظن دائمًا بأني حالما أنتهي من نص ، ستقف بالسطر الأخير السعادة مشرّعة ذراعيها وتضم كل شيء متهاوي !

    ... كن بخير .

    ردحذف
  7. حتى الأحرف هنـا وكأنها غرست بالغيوم غرسا

    أصابتها عدوى البياض

    أتقنت كيف تحوم بعقولنا في زواياها كما يحوم السحاب في سمائه بكل أريحيه



    - جميله وأكثر يا سماء (f)


    وسجلي توقي هاهنا ..

    ردحذف
  8. إذن كوني أكيدة بأنكِ المطر من بعد الغيم ، يا رونق ()

    ردحذف
  9. هنا زائر جديد آخر أيضا ,

    كوب شاي محلى بالحزن اذا سمحت ..!

    لأرتشف حرفك بعمق وتمهل كي أتلذذ به وتلسعني حرارته !

    ..

    مُبهرة وكفى . .

    ردحذف
  10. هل للحزن حلاوة ؟
    لابد وأنه الحزن الذي يعقبه أنتِ يا خلود ()

    أشكرك .

    ردحذف

- ما يؤثث الوحشة -

: : : ولكني أخاف .. أخاااف .. أخاف انتباه .. فراغات الكلام .. فراغات العيون ، فراغات الحقول ، وإن لم...